الإمارات رابع مصدر للسكر الأبيض.. إنتاج «الخليج السكر» إل 1.8 مليون طن

“الإمارات: قوة صاعدة في سوق السكر العالمي”

تتبوأ دولة الإمارات العربية المتحدة مكانة بارزة كرابع أكبر مصدر للسكر الأبيض عالميًا، في سياق يشهد نموًا ملحوظًا في هذا القطاع، خاصة مع تطلعات شركة الخليج للسكر، أضخم مصفاة سكر مستقلة على مستوى العالم، لزيادة طاقتها الإنتاجية السنوية إلى حوالي 1.5 إلى 1.8 مليون طن بحلول عام 2024، في حال ارتفاع الطلب، مقارنة بـ 600 ألف طن في عام 2023. هذه الخطوة تعكس الزخم الإيجابي الذي يشهده سوق السكر الأبيض، بعد تسجيله نموًا بنسبة 5% في عام 2023، وتوقعات بأن يحافظ على استقراره في عام 2024.

يصل حجم استهلاك الإمارات من السكر الأبيض إلى نحو 200 ألف طن سنويًا، مع توجه باقي الإنتاج للتصدير إلى دول الخليج والمنطقة والعالم، ما يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه شركة الخليج للسكر في هذا المجال، حيث تشكل صادراتها نسبة 85% من إجمالي الإنتاج، وتستحوذ على حصة تقارب 70% من السوق المحلي.

وفي ظل التغيرات المناخية والتحديات العالمية، شهد السوق الإمارات انخفاضًا في معدلات الإغراق عام 2023، مدفوعًا بتراجع صادرات الهند نتيجة للتغيرات المناخية التي أثرت على الإنتاج. رغم هذه التحديات، استبعدت شركة الخليج للسكر أي تأثير سلبي على سلاسل الإمداد العالمية للسكر أو ارتفاع الأسعار بسبب زيادة تكاليف الشحن.

بالإضافة إلى ذلك، تبحث الشركة عن فرص للتوسع خارج الإمارات، مع التركيز الحالي على تحسين الإنتاج في خطوطها الحالية، وتوريد منتجاتها إلى أكثر من 50 دولة حول العالم. وقد جمع مؤتمر دبي للسكر 2024، الذي حضره نحو 800 مسؤول وخبير من أكثر من 70 دولة، الفرص والتحديات التي تواجه الزراعة والإنتاج والتجارة وسلاسل الإمداد والشحن، مع التركيز على سبل تفادي المخاوف المرتبطة بها.

وفي هذا السياق، تُظهر البرازيل، كأكبر منتج ومصدر للسكر في العالم، دورًا محوريًا في الأسواق العالمية بحصة تصل إلى 75% من الإنتاج العالمي للسكر. وقد بلغ استهلاك الدولة من السكر في عام 2023 نحو 12.8 مليون طن، بينما وصل حجم الصادرات إلى حوالي 39 مليون طن. توقع جيوفاني كونسول، الرئيس التنفيذي لشركة بي بي بونج بيو إنيرجيا البرازيلية، أن يتأثر إنتاج البرازيل من السكر في عام 2024 بتغيرات المناخ، مشيرًا إلى التحول الذي شهده الإنتاج والتصدير في عام 2023 بإنتاج 40.8 مليون طن من السكر.

أسهم ارتفاع الأسعار في عام 2023 في تراجع الطلب على السكر الخام، خاصة في وجهات الاستيراد الرئيسية مثل الصين وإندونيسيا، التي شهدت انخفاضًا قبل أن تعود للارتفاع نهاية العام. كما ألقى المشاركون في المؤتمر الضوء على تغير المناخ وتأثيره على الإنتاج واستدامته، متوقعين حدوث عجز كبير في الإنتاج العالمي من السكر في عام 2024، رغم أن البرازيل قد رفعت الإنتاج بنحو 8 ملايين طن خلال عام 2023، إلا أنه لا يمكن التنبؤ بنفس الارتفاع في العام الجاري.

وفي ظل هذه التحديات، تراجع إنتاج الهند من السكر في عام 2023 عن العام السابق، مما جعل آفاق التصدير غير مؤكدة في وقت كان العالم المستهلك يعتمد على ما لا يقل عن 6 ملايين طن من صادرات السكر الهندي. كذلك، من المتوقع أن يكون محصول تايلاند في عام 2024 أقل بكثير مما كان عليه في السابق.

من خلال هذا السياق الشامل، تبرز أهمية استراتيجيات التكيف والابتكار في صناعة السكر العالمية لمواجهة التحديات المستقبلية، بما في ذلك تغير المناخ وتقلبات السوق، لضمان استمرارية الإنتاج وتلبية الطلب العالمي على هذه السلعة الأساسية

إن التأقلم مع هذه التحديات والسعي نحو الابتكار يُعد ضروريًا لاستدامة صناعة السكر عالميًا. يشمل ذلك استكشاف تقنيات جديدة لزيادة كفاءة الإنتاج، وتحسين طرق الزراعة لتقليل التأثير البيئي، والبحث عن بدائل مستدامة لتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية المحدودة. بالإضافة إلى ذلك، تلعب استراتيجيات إدارة المخاطر دورًا مهمًا في التخفيف من تأثير تقلبات السوق والحماية من الأحداث غير المتوقعة مثل الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية.

في هذا الإطار، يبرز دور التعاون الدولي وتبادل المعرفة بين الدول المنتجة والمصدرة للسكر، لتعزيز الابتكار وتطوير ممارسات أفضل في الزراعة والإنتاج. كما أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص يمكن أن توفر الدعم اللازم للبحث والتطوير، وتحفيز الاستثمار في تقنيات جديدة تسهم في رفع مستويات الإنتاجية والاستدامة.

من جانب آخر، يؤكد المؤتمر الدولي للسكر على أهمية النظر إلى المستقبل بمنظور يشمل الاستدامة البيئية والاجتماعية. يعتبر الاهتمام بالأمن الغذائي وتحقيق التوازن بين الحاجة إلى زيادة الإنتاج وضرورة الحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية البيئة من الأولويات الرئيسية. تحقيق ذلك يتطلب من الدول المنتجة للسكر والشركات العاملة في هذا المجال، اتخاذ خطوات ملموسة نحو تبني ممارسات أكثر استدامة تشمل استخدام تقنيات الري الفعالة، والتحول نحو استخدام الطاقة المتجددة، وتبني أساليب الزراعة التي تحافظ على صحة التربة وتحمي الموارد المائية.

وأخيرًا، يعتبر الابتكار في مجال تطوير منتجات جديدة من السكر ومشتقاته والتوسع في استخدامات السكر في صناعات مختلفة مثل الطاقة الحيوية والمواد الحيوية، عناصر هامة تسهم في توسيع الأسواق وخلق فرص جديدة للنمو. من خلال التركيز على هذه المحاور، يمكن لصناعة السكر

عالميًا التكيف مع التحديات المستقبلية والاستفادة من الفرص الجديدة التي توفرها التقنيات المبتكرة والممارسات المستدامة. إن تطوير سلاسل إمداد أكثر مرونة واستدامة، والتي تقلل من التأثير البيئي وتعزز الكفاءة في استهلاك الموارد، يشكل أساسًا لضمان استمرارية القطاع وقدرته على مواجهة تقلبات السوق والتحديات البيئية.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر التزام القطاع بمعايير العمل العادلة ودعم المجتمعات المحلية التي تعتمد على زراعة السكر مهمًا لضمان النمو المستدام. يجب على المنتجين والمصدرين العمل على تحسين ظروف العمل، وتوفير التدريب والدعم للمزارعين لتبني أساليب زراعية متطورة تزيد من الإنتاجية وتقلل من الآثار السلبية على البيئة.

من المهم أيضًا أن تعزز الدول والشركات المعنية بصناعة السكر التعاون الدولي في مجال البحث والتطوير لإيجاد حلول مبتكرة تتعلق بتحديات الإنتاج والاستدامة. يمكن أن يشمل ذلك الشراكات بين القطاعات الأكاديمية والصناعية والحكومية لتطوير تقنيات جديدة وأصناف من النباتات تتحمل الجفاف والأمراض وتحقق عوائد إنتاجية أعلى مع احترام المعايير البيئية.

في الختام، تواجه صناعة السكر تحديات كبيرة ناجمة عن التغيرات المناخية والحاجة إلى تحسين الاستدامة والكفاءة. ومع ذلك، توفر هذه التحديات فرصًا هائلة للابتكار والتحسين التي يمكن أن تؤدي إلى تطوير القطاع بشكل يحقق النفع للمنتجين والمستهلكين والبيئة على حد سواء. من خلال التركيز على الاستدامة، الابتكار، والتعاون الدولي، يمكن لصناعة السكر أن تتطور وتزدهر في العقود القادمة، مساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة التحديات العالمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.